من خلال القراءة في قصة ” ذي القرنين ” المذكور في القرآن، في الآيات التالية :
(( حَتَّى
إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا
يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ
خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا
مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ
بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا
سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا
قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَن
يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن
رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ
رَبِّي حَقًّا * ))
إنّ من
المؤكد بأننا لن نستطيع معرفة مكان المنطقة بين السدين ، ولكن سأقول لكم
أنّ الله عز وجل وصف القوم بأنهم لا يفقهون قولا ، وهو يقصد بذلك أنّ علمهم
قليل جداً ، لذلك لجأوا لذي القرنين وعلمه ومعرفته وحكمته ليجعل بين هؤلاء
القوم وبين يأجوج ومأجوج سداً .
والدليل على
أنهم لجأوا لذي القرنين لعلمه وحكمته ، أنهم يملكون الخراج وهو المال ،
وأنه قال أعينوني بقوة أي أنهم هم من قاموا بصنع السد وقال آتوني زبر
الحديد ، وقال انفخوا ، وقال آتوني أفرغ عليه قطراً ، وأنهم لم يستيطعوا
الحصول على القطر لا بالشراء ولا بالتنقيب .
أمّا يأجوج
ومأجوج برغم أنهما إسمان إلا أنه يبدو جلياً من الآيات أنهم قومان أو
طائفتان ، فقد قالوا عنهم ( مفسدون ) بصيغة الجمع وليس المثنى .
حسناً ما طبيعة هؤلاء يأجوج ومأجوج ، هل هم بشر ؟
لو كانوا بشراً مفسدين ومجرمين ، لماذا يبني بينهم وبين القوم سداً ؟ لماذا لم يقاتلهم مثلاً ؟
والسؤال
الذي يظهر الحقيقة هو : لماذا يقول : ( فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء )
والمعروف والمشهور أنّ السد قائم حتى اليوم ولا يهدم إلا بقرب القيامة ؟
فهل سيظل يأجوج ومأجوج مفسدين من أيام ذي القرنين إلى يومنا هذا مع تعاقب
أجيالهم مثلاً وبرغم أنهم معزلون خلف سد ؟
حتماً لو
كانوا بشر ستتغير طبيعتهم الإجرامية بمجرد عزلهم عن العالم كل هذه المدة ،
ومن المؤكد بأنهم ليسوا بشراً على الإطلاق. إذا ً فما هي طبيعتهم الحقيقية
.. ؟!
إنّ سر معرفتهم يكمن في معرفة سر طلبه ( القطر ) ، وما هو القطر .
حسناً لماذا
يريد ذو القرنين إفراغ القطر على السد ؟ إنّ ذلك إما كان سيمنع يأجوج
ومأجوج من حفر السد ومحاولة إسقاطه ودكه لأنهم لا يستطيعون الإقتراب منه
بسبب هذا القطر ، وإمّا أنه يقوي كتلة البناء ويحميها من الإهتراء والتآكل .
وبإعتقادي
أنّ سيدنا سليمان كان يستخدم القطر لنفس الشأن الذي طلبه ذو القرنين ، فقد
قال الله عز وجل عن ملك سليمان : (( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا
شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ
الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ، وَمَن يَزِغْ
مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ
لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ
وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ
عِبَادِيَ الشَّكُورُ )) ومن الواضح أنّه كان يبني المحاريب والتماثيل
والجفان ، ومن هنا أعتقد بأنّ القطر هو إما الفضة أو الرصاص ، إما أن يكون
النحاس كما جاء في بعض التفاسير ، ولكن المعروف أنّ زبر الحديد هو النحاس.
حسناً .. كل
ما قلناه لا شك فيه . ولنبدأ الآن بربط هذه القصة بالخيال العلمي الذي
نراه اليوم في الأفلام الأجنبية حول مصاصي الدماء والمستذئبين الذين ينشطون
كثيراً عند اكتمال القمر بدراً ، ولا يظهرون إلا في الليل .
نجد في تلك
الأفلام أنّ طلقات الرصاص التي تستطيع القضاء على مصاص الدماء مصنوعة من
الفضة ، وكذلك الصلبان ، فالصليب المصنوع من فضة يؤذي مصاص الدماء ويمنعه
من الاقتراب ، إذاً فالفضة معدن يقوم بحرق مصاص الدماء والمستذئب المتحول .
الروايات
الدينية التي لدينا تشير إلى أنّ يأجوج ومأجوج يتكاثرون من دون زواج ،
كأنّه الاستنساخ ، وهناك رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه يوماً ما قال بأنّ السد
قد ثقب .
والآن ريثما
أنتهي من صياغة رسالة خاصة وبحث شامل بخصوص موضوع يأجوج ومأجوج ، سأترك لك
سؤالاً ، ولك أن تجيب عليه .. هل يأجوج ومأجوج يمكن أن يكونواً مصاصي
الدماء والمتحولون ؟