إن الإنسان بلا روح جماد كسائر الجمادات، والأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، أمر الروح أدهش العقول وحير الفحول، ولا عجب فإنها سر الأسرار، وقد قال ربنا القهار: {قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}.
ولا يخفى على العاقل أن الذي بين الأرواح من التقارب والتشابه ما لا يعلم مقداره إلا الخلاق العليم، فالمؤمن يحن إلى أهل الإيمان، والمنافق إلى أهل البهتان، حتى قيل: (لو أن بيتاً امتلأ بالمؤمنين ولم يكن بينهم إلا منافق واحد، فإن المنافق الذي يحفر إلى ذلك المكان سوف يترك الجميع، ويأوي إلى مثيله في النفاق والإفك، وإذا اجتمع الناس في مكان واحد ترى الحداد ينجذب إلى الحدادين، والمزارع يميل إلى المزارعين، والمعلم يركن إلى المدرسين).
وتنجلي عظمة هذا الدين الذي جعل رباط العقيدة هو الأساس ومحبة الله هي الرابط بين أهل الإيمان، وأعظم به من رباط روحي عظيم لا يراه إنسان ليفسده ولا شيطان ليقطعه، وقد اجتمع بسبب هذا الرباط أبوبكر القرشي مع بلال الحبشي مع صهيب الرومي مع سلمان الفارسي في إلفة وإخوة ومودة على غير أنساب بينهم ولا مصالح تجمعهم لكنها العقيدة، وصدق الله العظيم القائل:{لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم}.
- ان ذكر الله تعالى وسيلة لتنمية القيم الروحية لا يقتصر اللسان بل يتعداه الى وسائل الجواب التي تسارع الى فعل الخير استجابة للاموام الخالق سبحانه وتعالى وعملا بإرشادات النبي الكريم لذلك وجب على المؤمن ان ينهي في قلب قيم الإخلاص المودة و الرحمة
وصدق القائل:
وكلما ذكر اسم الله في بلد **** عددت أرجائه من لب أوطاني
وكان سلمان رضي الله عنه يردد:
أبي الإسلام لا أب لي سواه *** إذا افتخروا بقيس أو تميم
وقد أصبح المسلمون بفضل هذا الدين (كالجسد الواحد الذي اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )، وقد عبر بعضهم عن ذلك الترابط والتراحم والتعاطف فقال: ( هؤلاء لو عطس أحدهم في مدينة، لقال له الناس في المدينة الأخرى يرحمك الله)!
ومن القيم الروحية التي تربط الناس مع العقيدة، رباط القيم والمكارم التي جاءت في كتاب ربنا وهدى نبينا، وقد أحسن شاعر الإسلام إقبال في قوله:
وفي التوحيد للهمم اتحاد ** ولن تبنوا العلا متفرقين
ألم يبعث لأمتكم نبي ** يوحدكم على نهج الوئام
ومصحفكم وقبلتكم جميعاً ** منار للإخوة والوئام
قبل سنوات عديدة شاهد بعض الأشخاص مجموعة من الناس في ميدان، فبلغ عند الشرطة بأن هناك تجمع غير عادي، فجاءت شرطة مكافحة الشغب وأحاطت بالمصلين، ثم تقدم قائد العسكرية إلى الإمام، وقال له: من أنتم وماذا تفعلون؟ فقال له الإمام نحن مسلمون وهذه صلاتنا، فقال له رجل الشرطة: وكيف اجتمع هؤلاء من أجناس مختلفة، فقال له كل ذلك بفعل الإسلام؟ فقال رجل الشرطة الأمريكي: يوم ينتشر دينكم هذا تنتهي مهمتي كرجل شرطة.
ولا عجب فإن الإسلام يؤلف بين القلوب بقيمه الروحية وبأحكامه العملية.
قد يهمك أيضًا
ما العلاقة بين القيم الروحية والقيم المادية فى منهج الوسطية
عدد الإجابات: 4 عدد الزيارات: 11120
ما هو
عدد الإجابات: 15 عدد الزيارات: 882
ما هي الفوائد الروحية و أهمية العيد و ما هي مسؤولياتنا؟
عدد الإجابات: 1 عدد الزيارات: 458
ما هو عالم الروحنيات
عدد الإجابات: 6 عدد الزيارات: 824
ما هو تعريف السلطة الروحية؟
عدد الإجابات: 7 عدد الزيارات: 1268
ما اسم هذا فى علم النفس؟
عدد الإجابات: 3 عدد الزيارات: 190
تفكّر على خطى المحاسبة الروحية؟؟
عدد الإجابات: 8 عدد الزيارات: 679
هل مافهيم القيم تختلف من جيل الي جيل
عدد الإجابات: 12 عدد الزيارات: 725