* * * * (طلسم) * * * * *
قد سألت البحر يوماً : هل أنا يا بحر منكا؟
هل صحيحٌ ما رواه بعضهم عني وعنكا؟
أم ترى ما زعموا زوراً وبهتاناً وإفكا؟
ضحكت أمواجه منِّي وقالت :
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
أيها البحر أتدري كم مضت ألفٌ عليكا؟
وهل الشاطئ يدري أنه جاثٍ لديكا؟
وهل الأنهارُ تدري أنها منك إليكا؟
ما الذي الأمواج قالت حين ثارت؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
أنت يا بحر أسيرٌ آهِ ما أعظمَ أسرَكْ
أنت مثلي أيها الجبّارُ لا تملكُ أمرَكْ
أشبهَتْ حالُك حالي وحكى عذريَ عذرَكْ
فمتى أنجو من الأسْرِ وتنجو؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
ترسلُ السُّحبَ فتسقي أرضَنا والشجرا
قد أكلناكَ وقلنا قد أكلنا الثمرا
وشربناكَ وقلنا قد شربنا المطرا
أصوابٌ ما زعمنا أم ضلالٌ
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
قد سألتُ السحْبَ في الآفاقِ هل تذكرُ رملَكْ؟
وسألت الشجرَ المورِقَ هل يعرفُ فضلَكْ؟
وسألتُ الدرَّ في الأعناقِ هل تذكرُ أصلَكْ؟
وكأنِّي خلتها قالتْ جميعاً:
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
يرقصُ الموجُ وفي قاعِكَ حربٌ لن تزولا
تخلقُ الأسماكَ لكنْ تخلقُ الحوتَ الأكولا
قد جمعتَ الموتَ في صدركَ والعيشَ الجميلا
ليتَ شعري أنتَ مهدٌ أم ضريحٌ؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
كم فتاةٍ مثلِ ليلى وفتىً كابنِ الملوَّحْ
أنفقا الساعاتِ في الشاطئ تشكو وهْوَ يشرحْ
كلَّما حدَّثَ أصغتْ وإذا قالتْ ترنَّحْ
أحفيفُ الموج سِرٌّ ضيَّعاهُ؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
كم ملوكٍ ضربوا حولَكَ في الليلِ القبابا
طلعَ الصبحُ ولكنْ لم تجدْ إلا الضبابا
ألهم يا بحرُ يوماً رجعةٌ أم لا مآبا؟
أهمُ في الرملِ قال الرملُ : إنِّي
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
فيك مثلي أيها الجبّارُ أصدافٌ ورملُ
إنَّما أنت بلا ظلٍّ ولي في الأرضِ ظلُّ
إنَّما أنت بلا عقلٍ ولي يا بحرُ عقلُ
فلماذا يا تُرى أمضي وتبقى؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
يا كتابَ الدهرِ قلْ لي ألهُ قبلٌ وبعدُ؟
أنا كالزورقِ فيهِ وهْوَ بحرٌ لا يُحدُّ
ليس لي قصدٌ فهلْ للبحرِ في سيريَ قصدُ؟
حبَّذا العلمُ ولكنْ كيف أدري؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
إن في صدريَ يا بحرُ لأسراراً عجابا
نزلَ السترُ عليها وأنا كنتُ الحجابا
ولذا أزدادُ بُعداً كُلَّما ازددتُ اقترابا
وأراني كلَّما أوشكتُ أدري
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
إنني يا بحرُ بحرٌ شاطئاهُ شاطئاكا
الغدُ المجهولُ والأمسُ الذانِ اكتنفاكا
وكلانا قطرةٌ من ذا وذاكا
لا تسلني ما غدٌ ما أمسِ إنِّي
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
قيل لي في الدير قومٌ أدركوا سرَّ الحياةْ
غيرَ أني لم أجدْ غيرَ عقولٍ آسناتْ
وقلوبٍ بليتْ فيها المنى فهْيَ رفاتْ
ما أنا أعمى فهل غيريَ أعمى؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
قيلَ أدرى الناسِ بالأسرارِ سُكّانُ الصوامعْ
قلتُ إن صحَّ الذي قالوا فإنَّ السرَّ شائعْ
عجباً كيف ترى الشمسَ عيونٌ في براقعْ
والتي لم تتبرقعْ لا تراها لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
إن تكُ العزلةُ نُسكاً وتقىً فالذئبُ راهبْ
وعرينُ الليثِ دَيرٌ حُبُّه فرضٌ وواجبْ
ليت شعري أيميتُ النسكُ أم يُحيي المواهبْ؟
كيفَ يمحو النسكُ إثماً وهْوَ إثمُ ؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
إنني أبصرتُ في الديرِ وروداً في سياجِ
قَنعتْ بعد الندى الطاهرِ بالماءِ الأُجاجِ
حولَها النورُ الذي يُحيي وترضى بالدياجي
أمن الحكمةِ قتلُ القلبِ صبراً؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
قد دخلتُ الديرَ عند الفجرِ كالفجرِ الطروبْ
وتركتُ الديرَ عند الليلِ كالليلِ الغضوبْ
كان في نفسيَ كربٌ صارَ في نفسيْ كروبْ
أمن الديرِ أم الليلِ اكتئابي؟
لست أدري
* * * * (طلسم) * * * * *
قد دخلتُ الديرَ أستنطقُ فيه الناسكينا
فإذا القومُ من الحيرةِ مثلي باهتونا
غلبَ اليأسُ عليهم فهُمُ مستسلمونا
وإذا بالبابِ مكتوبٌ عليه
لست أدري