حادثة مؤثرة
قال محدثي وكانت علامات الخير والصلاح ظاهرة عليه.. نحن في زمن تُقبل فيه أصناف الحلول، وتميع فيه الأوامر والنواهي.. فما وافق الهوى أخذناه.. سأحدثك عن قريب بعيد... قرَبه النسب وأبعده الدين...
قال تعالى : (لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبنائهم أوأخوانهم أو عشيرتهم) المجادلة:22
وبحكم اطلاكي على دقائق حياته... فقد تأكد لي أنه لايصلي مطلقا... كنت أذكره وأناصحه ليقيم الصلاة ... ولكنه كان يقدم ويؤخر... ويظن أن العمر طويل... وفجأة على غير موعد نزل به الزائر الذي لايُرد.. (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ماكنت منه تحيد) سورة ق:19
حاول أن يؤخره أو يؤجله .. بل ورغب أن يتفاهم معه.. ويدفع في وجهه الدواء والطبيب والأموال والأولاد ولكن انتهى كل شيء.. (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون.لعلي أعمل صلحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)المؤمنون99 ،110. حشرج صدره.. وضاقت أنفاسه... وغادت روحه.. وأمامه أسئلة صعاب والجنة والنار..لقد كان موته عبرة ! وكان يوم موته وتغسيله والصلاة عليه يوما مشهودا.. تراجعت طاعة وعبادة حتى تم كل شيء.. وللعلك تعلم أن في مجتمعي من أعلن النفاق قولا وعملا.. وفي اجتماع عائلي شهري ملأه الأشياخ من كبار السن.. ومن شبابهم وصغارهم.. قام أحدهم شاهرا سيفه.. ومصوبا سهمه.. ورافعا صوته باستغراب يملؤه الاستهزاء وهو يسمعُ الجميع: أين أنت عن صلة الرحم والقيام بالواجب؟ فها هو فلان مات ولم نرَ لك أثرا..وقال الآخر ممن اتخذ الاستهزاء طريقا : تصلي.. وتصوم.. ولاتعرف حقوق القريب وواجبات الآسرة؟ ثم نفت حقدا أسود من قلبه وهو يقول: أنت مظهر بدون مخبر وصورة بدون روح.. تدعون إلى الدين وأنتم لم تقيموا صلبه.. وفي نهاية المجلس الغاضب والمحاكمة السريعة : قلت للمحدث الأول بصوت يسمعه الجميع :مارأيك لو صليت صلاة المغرب أربع ركعات؟ هل يجوز لك ذلك؟ سكت ولم يجب وهو يحرك حاجبيه.. ويهز يده باستغباء عجيب.. ولكني عدت وكررت السؤال عليه ثلاث مرات: لايجوز. قلت له: قد أحسنت.. هذا أمر الله ورسوله فنحن نطيعهما في هذا.. والله ـ عز وجل ـ ورسوله صلى الله وعليه وسلم أمرَانا في الكتاب والسنة ألا نصلي على من مات وهو لايصلي وسمياه كافرا.. رفعت صوتي ..هل أسمع كلام الله ورسوله وأطيع أمرهما أم أسمع جعجعتك وهراءك؟! استدرت نحو المجلس وأنا أقول: أمرنا ألا نصلي على من مات وهو تارك الصلاة.. ولانغسله .. ولاندفنه في مقابر المسلمين.. لقد سلمت وأَنبت.. وأطعت ونفدت.. ولهذا صليت المغرب ثلاث ركعات كما يجيب.. وتركت الصلاة على من لايصلي كما يجب .. خيم الصمت على المجلس واستراحت النفوس..فقد ظهر الأمر واضحا جليا ولم أفرح انتصارا لنفسي.. بل لما عطرت به المجلس من قول الحق.. لقد كان هلاك هذا القريب رحمة لمن بعده وعبره لمن خلفه.. ولايزال يتردد في جنبات المسلمين قول الله تعالى: ( ولاتصل على أحد منهم مات أبدا ولاتقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون)التوبه:84 . وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ". وهكذا تمر الايام وتنطوي صفحات العمر.. ويبقى للمرء ماقدم..
تحياتي للجميع :cheers: :cheers: :cheers: :cheers: :cheers: