السلام عليكم
قال لنا استاذ الفلسفة ان الله لديه عقل هل هذا صحيح؟
وعليكم السلام ورحمة الله
أستاذكم مجرد جاهل سفسطائي تافه:
-----------
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وعلى التابعين وتابعي التابعين بإحسان إلى يوم الدين وبعد...
أعداء الإسلام لم يجدوا في الإسلام إلا كل وصف تنزيهي لله عز وجل وإثباتا لكل وصف لله من كمال وجمال على الوجه الذي يليق بالله عز وجل فالله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير , فظلوا يفكرون ويتساءلون فيما بينهم على أي شيء يعترضوا به على رب العالمين فبنوا سؤال غبي وهو هل الله له عقل ؟؟؟؟
فهو يفرض سؤالا جدلي في علم المنطق إسمه الإلزام الجدلي وهو أن يكون الجواب إما نعم وإما لا
فلو قلت نعم لقال لك : الدليل , ولو قلت لا لقال لك : إذن ربك أحمق غبي
تعالى الله عمّا يقول الظالمون الكافرون الجاهلون
ولكن هذا الإستدلال وجوابهم عليه فيه نقض لأصولهم وهو قولهم لك لو قلت لهم نعم (( أين الدليل ))
ومن هنا ننطلق بإذن الله :
أولا : ما هو معتقد المسلمين في صفات رب العالمين ؟
صفات رب العالمين في ملة المسلمين لها ضوابط ثلاثة وهي :
1- صفات الله عز وجل من الغيبيات عنّا والغيب لا يثبت إلا بالدليل فلا ننسب لله عز وجل إلا ما نسبه لنفسه لأنه لا يصف الله أعلم من الله (( ءأنتم أعلم أم الله )) , أو ما نسبه له رسوله عليه السلام لأنه لا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي قال الله في حقه (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ))
2- تنزيه الله عز وجل عن أن يشبه شيء من صفاته شيئا من صفات المخلوقين فقد قال الله عز وجل عن نفسه (( ليس كمثله شيء )) وقال أيضا : (( لم يكن له كفوا أحد )) وقال : (( فلا تضربوا لله الأمثال )) عز وجل
3- قطع الطمع عن إدراك الكيفية لأن الله عز وجل يقول (( ولا يحيطون به علما )) وأن الكلام في الصفات كالكلام في الذات , وإثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية , فكذلك في شأن الصفات
ثانيا : هل ورد في الشرع صفة العقل لله ؟
نجيب : لم يرد في الشرع صفة العقل لله بل ورد ما هو أفضل وأكمل وأجمل .
ثالثا : نسأل نحن ما هو العقل أصلا ؟
نجيب : العقل لغة هو المنع , فعلى هذا التقدير هل يوجد شيء يمنع الله عن مراده ؟؟؟ حاشا
إصطلاحا : هي صفة قائمة بالنفس به تدرك العلوم الضرورية والنظرية وهو آلة التمييز بين الأشياء أيهما حسن وأيهما قبيح .
رابعا : لم سمي العقل بهذا الإسم ؟
نقول : لأنه يعقل (يمنع) صاحبه عن التورط في المهالك، ويحجزها عما لا ينبغي من اعتقاد فاسد، أو فعل قبيح .
إذن هو دليل كمال للفقير وهو الإنسان لأن أصل الإنسان الجهل وليس دليل كمال لله عز وجل لأن الله عليم لم يسبقه جهل و الله لا يمنعه شيء ولا يحجزه شيء ولا يفعل إلا كل ما هو خير فالله بيده الخير وهو على كل شيء قدير .
خامسا : هل العقل كامل في ذاته أم مفتقر لغيره؟
نقول : العقل في ذاته مفتقر لأهم شيء وهو العلم والله عز وجل منزه عن صفات النقص مطلقا ومتصف بصفات الكمال التي لا نقص فيها
إذن نقول إن العقل مفتقر للعلم والله قيوم لا يحتاج لشيء والكل محتاج له .
لذلك قال الله عن نفسه وهو العليم الحكيم
فعلم الله عز وجل شامل كامل لكل شيء فلم يسبق علمه جهل ولا يتبعه نسيان وعلمه محيط بكل شيء ولا يحيط به شيء والله يعلم ما كان وما سيكون ومالم يكن لو كان كيف يكون ((وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ )) .
ولنا أن نقول : ماذا تقصد بالعقل ؟
هل تقصد معرفة الأشياء على حقيقتها وعلى صفاتها من حسن وقبح ؟أم التمييز بين الأشياء لمعرفة أيهما أفضل؟
فالأول نقول به تنزلا في الخطاب فالله هو خالق الأشياء {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الملك14 والثاني لا نقول به لأن الله خالق الأشياء فلا يحتاج لتمييز بعضها عن البعض الآخر .
وإن كنّا أسلفنا أن العقل مفتقر للعلم وليس العكس
قال أهل المعرفة : حياة النفس بالروح , وحياة الروح بالذكر , وحياة القلب بالعقل , وحياة العقل بالعلم .
حكي عن سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى أنه قال: أول الأنس من العبد أن تأنس النفس والجوارح بالعقل , ويأنس العقل والنفس بالعلم
ولنا أن نقول ما معنى العليم الحكيم
العليم : لفظ مشتق من العلم، وهو أدراك الشئ بحقيقته، وسبحانه العليم هو المبالغ فى العلم،فعلمه شامل لجميع المعلومات محيط بها،
سابق على وجودها، لا تخفى عليه خافية، ظاهرة وباطنه، دقيقة وجليلة، أوله وآخره، عنده علم الغيب وعلم الساعة، يعلمما فى الأرحام،ويعلم ما تكسب كل نفس، ويعلم بأى أرض تموت فله العلم المطلق ومطلق العلم سبحانه وتعالى .
الحكيم : هو الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب , والله وصف نفسه بذلك لأن كل أفعاله سديدة ومتقنة وهو سبحانه المحكم لخلق الأشياء من إتقان التدبير فيها وحسن التقدير لها {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ }السجدة7
وهو سبحانه حكيم في شرعه وأمره لأن شرعه إشتمل على كل خير فأخباره تملأ القلوب علما ويقينا وإيمانا وعقائد صحيحة وتستقيم بها القلوب ويزول إنحرافها وتثمر الأخلاق الجميلة والأعمال الصالحة الرشيدة , وأوامره ونواهيه محتوية على غاية الحكمة والصلاح والإصلاح للدين والدنيا , فإنه لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة ولا ينهى عن شيء إلا عن مضرة خالصة أو راجحة فهو الحكيم الذي يضع الشيء المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب فله الحكمة البالغة والثناء الجميل إلى يوم الدين .
وأذكر لك مناظرة حدثت بين العقل والعلم فنترك كل يدافع ويحاجج عن نفسه
علم العليم وعقل العاقل اختلفا...من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا
فقال العلم أنا أحرزت غايته..وقال العقل أنا الرحمن بي عرفا
فأفصح العلم إفصاحا وقال له..بأينا الرحمن في قرآنه اتصفا
فبان للعقل أن العلم سيده...فقبل العقل رأس العلم وانصرفا
منقول