سؤال : يقول تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾([1]) ويقول أيضا : ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾([2]) هل بين هاتين الآيتين تعارض وما المراد بقوله : ﴿مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾([3]) ؟
جواب : ليس بينهما تعارض ، فالآية الأولى في حق من مات على الشرك ولم يتب ، فإنه لا يغفر له ومأواه النار ، كما قال الله سبحانه : ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾([4]) وقال عز وجل : ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾([5]) والآيات في هذا المعنى كثيرة .
أما الآية الثانية وهي قوله سبحانه : ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ - فهي في حق التائبين ، وهكذا قوله سبحانه : ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾([6]) أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين ، وأما قوله سبحانه : ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾([7]) فهي في حق من مات على ما دون الشرك من المعاصي غير تائب ، فإن أمره إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ، وإن عذبه فإنه لا يخلد في النار خلود الكفار ، كما تقول الخوارج والمعتزلة ومن سلك سبيلهما ، بل لا بد أن يخرج من النار بعد التطهير والتمحيص كما دلت على ذلك الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه سلف الأمة . والله ولي التوفيق .
من فتاوى الشيخ / عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى
([1]) سورة النساء الآية 116.
([2]) سورة طه الآية 82.
([3]) سورة النساء الآية 116.
([4]) سورة المائدة الآية 72.
([5]) سورة الأنعام الآية 88.
([6]) سورة الزمر الآية 53.
([7]) سورة النساء الآية 116.