إن الإخلاص من أكبر النعم التي يُمُّن الله تعالى بها على عباده المؤمنين، والإخلاص سبيل النجاة في الدنيا والآخرة، وهو مفتاح قبول الأعمال يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، وهو أمرٌ عظيم من الله، يقول سبحانه وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5] والإخلاص هو البهجة الكبرى للمسلمين، وسلواهم في تَحَّمُّلِ الأذى ومحاربة المفسدين، وهو الطريق الممهد لراحة القلب ومواجهة الصعاب طمعاً في رضا الله تعالى وخوفاً من عذابه وسعياً لشكر نعمه تعالى.
إن التعبد لله عز وجل مَبْنِّيٌّ على الإخلاص والاتباع، فالإخلاص أساس كل العبادات مقصد جميع الأنبياء والرسل صلوات الله تعالى وسلامه عليهم، وعليه مدار الثواب والعقاب يوم القيامة، فمن عمل صالحاً يقصد به وجه الله تعالى، من غير التفات إلى حظوظ دنيوية عاجلة كان من الفائزين، أما من راقب الجاه والمال والسمعة كان عمله وبالاً وحسرة عليه يوم القيامة.
أجر الإخلاص والسبيل إليه
للإخلاص أجراً كبيراً، بل هو الركيزة الكبرى لنيل الأجور في كل الأعمال الصالحة، فبدون الإخلاص لوجه الله لن يتم قبول الأعمال لأنها بذلك تكون قد فقدت الشرط الأساسي لنيل الأجر، يقول الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [الفرقان:23]، ذلك لأنهم لم يحققوا ذلك الشرط في أعمالهم، فكل عملٍ لا يكون خالصاً وعلى الشريعة المرضية، فهو باطل.
فعلى المسلم أن يعبد الله تعالى خالصاً لوجهه الكريم، فلا يُشرِك به شيئاً، ولا يبتغي من العبادة والأعمال الصالحة شهرة أو منصب أو مال ولا يرائي الناس، ولابد أن يتذكر أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وعلى المسلم أن يتوجه مخلصاً لله جلَّ جلاله ليشكُرُهُ على نِعَمِهِ الكثيرة ويسأله من فضله، وواجبٌ على المسلم أن يجعل قول الله تعالى نهجاً في حياته، ليكون سبيلاً إلى نجاته، وينال أجر كل أعماله، يقول الله تعالى: {قلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لاَشَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162-163].
و انا اتمنى الكل يخلص لله و رسوله و الو الامر منهم