العرب يسمون الضبع أم عامر ، وأصل هذا المثل أنّ جماعة ً من العرب خرجت للصيد،
فعرضت لهم ضبعٌ
فطاردوها ، وكان الجو شديد الحر ، فدخلت الضبع خباء
( بيت ) أعرابي ، فخرج الأعرابي فرآها مجهدة ً في ذلك الحر الشديد ، ورأى أنها
قد التجأت إلى خبائه مستجيرة ً به ، فصاح بالقوم : ما شأنكم ؟ قالوا : صيدنـــــــــــا
وطريدتنا ، قال : إنها قد أصبحت في جواري ، ولن تصلوا إليها ما ثبت قائم سيفـي
في يدي ، فانصرف القوم . ونظر الأعرابي فرأى الضبع جائعة ً ، فقام إلى شاتــه ِ
فحلبها ، وقدم للضبع الماء واللبن فشربت حتى ارتدت لها عافيتها ، فلما أقبل الليــــل
نام الأعرابي مرتاح البال بما صنع للضبع من الإحسان . لكن أم عامر نظرت إليـــــه
فوجدته نائما ً ، فوثبت عليه ِ ، وبقرت بطنه وشربت من دمه ِ ، وتركته وسارت.
وفي الصباح اقبل ابن عم الأعرابي يطلبه فوجده قتيلا ً ، فاقتفى أثر الضبع حتـــى
وجدها ، فرماها بسهم فقتلها ، ثم أنشد :
ومنْ يصنع المعروفَ في غير أهله ِ **** يلاقي الذي لاقـَى مجيرُ أم ِّ عامر ِ
أدام لها حين استجارت بقـــــــربهِ **** طعاما ٌ وألبان اللقاح ِ الدرائـــــــر ِ
وسمـَّـنها حتى إذا مـــــا تكاملــــتْ **** فـَـرَتـْه ُ بأنياب ٍ لها وأظافــــــــــر ِ
فقلْ لذوي المعروف ِ هذا جزا منْ **** بدا يصنعُ المعروفَ في غير شاكر ِ