يتربع الانسان في مملكة إنسانيته
وهذه المملكة فيها ما هو مسيطر عليه وفيها ما هي مسيطرة عليه
وبات الامر كأنه فريقين يتصارعان
فريق تحت لواء العقل ضاما اليه جوارحه وخبراته وعلومه وفنونه
فريق تحت لواء القلب ضاما اليه امتدادات جوارحه ومشاعره
واحاسيسه وعالم قد حجز لنفسه زمانا ومكانا
ويكون الحجز خارج زماننا وخارج مكاننا
وهذا الذي يجلس بين الفريقين المتصارعين مسلوب الارادة تائه حيران
لا يدري اين غايته
اينهض ويتبع العقل وهو يدوس بقدميه على القلب وعلى اجنحة القلب
يدوس على القلب الذي يبكي دما على فراق قد فجر ينابيع الدموع
يدوس على عيون القلب متوسلة اليه فيم قتلتني يامن كنت ضياء الدنيا في عينيك
يدوس على احلام القلب التي لم تعرف الغش ولم تعرف الخداع ولا الكذب
يدوس ويدوس متجاوزا بساتين الورود متخطيا واحات النسيم الندي
ام ينهض ويتبع القلب وهو يدوس بقدميه على جوارحه وحدسه
يدوس على عاداته وتقاليده
يدوس على خوف الناس وعلى خوف نفسه
يدوس على كبريائه وطموحاته ووووو
مسكين هذا الذي لا يملك بين الفريقين الا
اعتصار القلب فيبكي له الحجر والشجر
وجماد العقل المغصوب فيبكي له الكدر والمدر
ينام بين الآهات ويفترش التنهيدات
يحاكي النجوم مشرئبا الى الغيوم
قائلا لبيك ربي لبيك ربي
ويتقاتل قلبه وعقله وساحة المعركة في ضميره ووجدانه
وقد خلفت الخسائر
ذهب البصر وقصر العمر
جفت الدوموع وتكسرت رموش العيون وهي خاوية
انهدمت ينابيع المعاني وانحسرت منه آفاق الجنان
لم يبقى فيه الا صوت بيعيد سحيق عميق دقيق ينادي من طرف خفي
آه آه آه