السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة في 24 من عمري، مشكلتي تكمن في أنني وبصراحة أصبحت بعيدة عن الله، مع العلم بأنني كنت ملتزمة كثيرا، لكن أصبحت أتهاون في الأمور شيئا فشيئا، فلم أعد أعرف طعم القرب من الله، ولا طعم السعادة، ولم أعد أصلي مع أن نفسي تلومني كثيرا، حتى أني أقوم وأتوضا للصلاة ولكن أؤجلها وأؤجلها حتى تضيع، ولم أعد أشعر برمضان أو الصوم.
أريد التقرب إلى الله وترك المعاصي ولكن أشعر بأني لم تعد في قلبي شعلة الإيمان التي كانت من قبل.
أريد أن أعود ولكن أشعر بعدم قدرتي على هذا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإن أول كلمة نبدأ بها معك – وبدون مقدمات – هي هذا السؤال: ماذا أعددت للقاء الله تعالى والوقوف بين يديه؟!
بل ماذا سيكون جوابك أمام الجبار – جل جلاله – وقد تهاونت حتى في أعظم فريضة في دين الله تعالى بعد الشهادتين؟!!
كيف سيكون المصير إذا هجم الموت بهجمته، فلم يمهلك ولم تتأخري عنه لحظة واحدة ؟!
فما هذا – يا أختي -!! كيف تجعلين للشيطان وهوى النفس عليك سبيلاً فتضيعين صلاتك، وتخرجين من دائرة الأبرار المطيعين لتستبدليها بأعمال لا ترضي ربك وخالقك ومولاك الذي يعلم سرك وجهرك، ويعلم كل خطرة في نفسك؟!!
إذن لا بد من أن تتداركي نفسك، تداركاً يليق بالفتاة العاقلة الراشدة من أمثالك، فاستمعي لربك وهو يقول جل ثناؤه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} .
فارجعي إلى الله تعالى بالتوبة والإنابة وتذكري أن الحياة الطيبة، إنما هي بطاعة الله تعالى، وأن السعادة الحقيقية بالخضوع له، والتذلل بين يديه، بل إن العزة والكرامة إنما تنال بطاعته، فإن أردت الحياة الهنيئة الطيبة فدونك قول الله تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وإن أردت المغفرة والكرامة فقد قال صلى الله عليه وسلم ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } وقال صلى الله عليه وسلم: ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
وأما هذه الغفلة التي أصابتك، وهذه الزلات التي وقعت فيها، فتداركها سهل إن شاء الله تعالى، وذنبك مهما عظم، فإن التوبة تمحوه، بل إن الحسنات والأعمال الصالحة تحموا الخطايا كما قال تعالى: ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات}، فقومي فتوضئي، وتطهري لربك الكريم الذي لا زال يحلم عنك ويسترك، وصفي قدميك خاشعة ذليلة منكسرة لهيبته – جل وعلا – وناديه في سجودك {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} وناديه معترفة بذنبك {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} فماذا ستكونين حينئذ؟! ستكونين ممن قال تعالى فيهم : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ *أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} وهنا وصايا فاحرصي عليها:
1- الحرص على مصاحبة الأخوات الصالحات فإن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً.
2- الاعتدال والتوسط في العبادة، فلا تثقلي نفسك بكثرة الصلاة والصوم ونحوها من أعمال البر، وخذي بنفسك برفق وهدوء فيكفيك من النوافل مثلاً السنن القبلية والبعدية التي مع الفرائض مع صلاة الشفع والوتر، ومن الصيام يكفيك صيام شهر رمضان الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان إيمانا واحتساب غفر له ما تقدم من ذنبه).
3- المبادرة وعدم التأخير للتوبة قال تعالى: { ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} وقال تعالى: { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}.
4- كلما وقعت في خطأ فعليك بالتوبة والاستغفار، وليس القعود وترك العمل، والظن بالنفس أنها منافقة ونحو المعاني التي يوسوس بها الشيطان.
5- دوام الدعاء والتضرع لله تعالى أن يثبتك على دينك، فنسال الله تعالى لك الثبات على دينه والفوز برضوانه: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} .
ووفقك الله لما يحبه ويرضاه.