بسم الله نبدأ وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير
منذ أول يوم من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، بدأ جهاد أمة هي خير أمة أخرجت للناس ، تعلم الجميع منها ، تعلم منها أعدائها قبل أهلها ، قدمت رجالاً هممهم كأمثال الجبال ، كما قدمت في ميدان العلم والكفاح أبطالاً ، هدى الله بهم أجيالاً وأجيال .
هذه هي أمة الإسلام ، لا يعلم أولها خير أم آخرها ، فكما ينبت المطر العشب تنبت أمتنا الأسد الأباة في كل زمان ، وفي كل ربع وآن ، أمة أنبتت قمم شماريخ أمثال خالد والمثنى وابن وقاص ومن بعدهم صلاح الدين وقطز ، ومن بعدهم عمر المختار والقسام ، ومن رجال زماننا الحاضر ، شيخ فلسطين : أحمد ياسين ، رجل أثبت للعالم أجمع بل قدم لتاريخ البشرية نموذجا فذاً فريداً ، في قهر الإمكانيات ، وقال لهم بلسان حاله ، إن الروح إذا سمت فعلت الأفاعيل ولو كانت قعيدة كرسي متحرك ، وإن كانت حبيسة شلل بين ، فلن يقيد سمو الروح قيد ، ولن يقطع حبلها بربها أحد ، ولن يمنعها عن الانتصار حبس ، انتصر الرجل والله رغم هزيمة الأمة فحق أن يقال عنه أنه كان وحده أمة .
في وقت تكالبت فيه أعداء الأمة على قصعة المسلمين , وفي آن تآلب فيه كلاب الأرض على كسر بيضة الأمة المحمدية, إذا بهم يبثون إلينا الخراب العقدي على طبق من فضة , حتى يسلبوا من المسلمين عقيدتهم كما يحاولون سلب خيراتهم في العراق وفلسطين وغيرها من بقاع الأرض.
آه على قلوب أغلقت على حب الدنيا , وألف آه على من أعطوا أعدائهم أكتافهم ولحومهم ليأكلوا فيها , ولم يكتفوا بذلك فحسب , بل مالوا إليهم بقلوبهم ليغيروا فيها ما شاءوا "إنا لله وإنا إليه راجعون"
بالله يا أمة الإسلام أنحن الآن في حاجة لنبكي على آلام المسيح الذي رفعه الله ولم يقدر عليه اليهود, ولم ير أصلاً هذه الآلام , أم الأجدر بنا البكاء على مقدسات المسلمين التي ينتهكها اليهود ليل نهار , وعلى ديار المسلمين التي عاث الفساد فيها من يدعون انتمائهم للمسيح عليه السلام وهو منهم والله براء.
آلام المسيح الحقيقية هي أعراض المسلمات التي تنتهك على يدي عباد الصليب.
يكفيك ما بهذا الفيلم الكفري من تكذيب صريح لآيات الله تعالى ,
قال تعالى وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيما 0 وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم هذه عقيدتك بيضاء نقية كما أثبتها لك مدبر الكون وعالم الغيب والشهادة ووالله ما دون هذه العقيدة الناصعة إلا الكفر, فمن أراد الوقوع في الكفر البواح فليصدق هؤلاء إياك أن تنس تحذير الله لك ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم , إن كنتم تحبون المسيح , فاعلموا أنه ينزل في آخر الزمان ليصلي مع المجاهدين ببيت المقدس ولن يرضى إلا أن يكون إمامهم منهم , تكرمة الله لهذه الأمة , فإن كنت حقاً تحب المسيح فوطئ لدولته القادمة , وادع إلى ملته الحقيقية ملة الإسلام وشرعة الهدى , ولتكن من جند الإسلام الخالصين المخلصين , ساعتها تأكد أن إن لاقيت المسيح في هذه الدنيا فستكون بإذن الله تعالى من جنده وأعوانه,
نحن لسنا في حاجة لمن يبث لنا دعايات زائفة عن آلام المسيح في وقت يقتلون فيه هم أنفسهم أتباع المسيح الحقيقيين في هذا الزمان , فأتباع المسيح هم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم فجميع الأنبياء جاءوا بدعوة واحدة وعقيدة ثابتة
فمثل هذا الفيلم إنما يراد به اجتثاث عقيدتك , فنحن نؤمن بأن الله تعالى أنقذ عيسى من مكر اليهود ولم يشعر بكل هذه الآلام المخترعة أصلاً , ونؤمن كذلك أنه ينزل آخر الزمن حكما عدلا مقسطا يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم,
أيها المسلم اعلم انك والله لو ركنت إلى باطلهم واعتقدت معتقدهم أو تعاطفت مع معتقدهم هذا ولو برهة لعرضت نفسك لزوال الإيمان بالكلية والخروج من ملة الإسلام , قال تعالى لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله
أيها المسلم , تذكر أن الله تعالى نهاك عن الجلوس مع الذين يخوضون في آيات الله بل إذا شاركت من يخوض في آيات الله بلا إنكار ورضيت بالجلوس والمشاركة فأنت مثلهم , قال تعالى : وقد نزل إليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره 0 إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً
فما بالك بمن يجلس ليشاهد تكذيب كلام الله , وادعاء صلب المسيح عليه السلام , والقول بإلهية المسيح عليه السلام , قال تعالى لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم
وقال : لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة
أيها المسلم :
اعلم أن من يبثون إليك مثل هذا الفيلم هم من يحتلون اليوم العراق وأفغانستان , وخلفهم من يدنسون الأقصى , ومن وراءهم من يغتصبون الشيشان , فاتق الله في نفسك , اتق الله في دينك , اتق الله في الأمانة .
إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
أما بعد:
فيقول الله سبحانه وتعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطاً… الآية.
أيها الاخوة المؤمنون: إن الله – جلت قدرته وتعالت أسماؤه – أكرمنا أمة محمد بأن جعلنا خير أمة أخرجت للناس شهداء على الناس أكرمنا بأن جعلنا وسطا أي عدلاً خياراً لا إفراط فيها ولا تفريط ولا جفاء ولا جحود ولا جمود ولا جهل ولا انحراف ولا ضلال.
أكرمنا سبحانه بأن جعلنا وسطا بين الأمم السابقة وأنبيائها، وسطاً بين نِحَل هذه الأمة، أعني أمة الدعوة، التي أخبر عنها رسول الله – - بقوله: ((ستفترق أمتي على اثنين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة وهي الجماعة)) وفي رواية قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: ((من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)).
فالأمة الوسط الممدوحة الناجية هي الأمة المستقيمة على شرع الله السالكة الصراط المستقيم الذي أمرنا أن نسأله أن يهدينا له في كل ركعة من ركعات صلواتنا اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
وهذا الصراط المستقيم هو دين الإسلام المحض، وهو ما عليه الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة الفرقة الوسط الخيار الملتزمة لدين الله المتوسطة في جميع أمورها في باب الإيمان بالأنبياء، فلم تَغْلُ كما غلت النصارى في نبيها وعلمائها باتخاذهم أرباباً من دون الله، ولم تَجْفُ كما جفت اليهود الذين يقتلون النبيين والذين يأمرون بالقسط من الناس، وإنما آمنوا بهم وعزروهم واتبعوهم فيما أمروا أن يتبعوهم فيه، المتوسطة في باب صفات الله وأسمائه بين أهل التعطيل الذين يلحدون في صفات الله وأسمائه ويعطلون حقائق ما وصف الله سبحانه به نفسه وما وصفه به رسوله حتى شبهوه بالعدم والأموات وبين أهل التمثيل الذين يضربون له الأمثال ويشبهونه بالمخلوقات تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. فهم – أي الفرقة الناجية – أهل السنة والجماعة وسط بين هؤلاء يصفون الله سبحانه ويسمونه بما وصف وسمى به نفسه وبما وصفه وسماه به رسوله – - من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل على حد قوله سبحانه: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وقوله: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وقوله: فلا تضربوا لله الأمثال .