هود عليه السلام وقوم عاد
تفرق أبناء نوح في أرجاء الأرض ومعهم ذريتهم , وكان قوم عاد واحدة من هذه الذرية , وكانوا يقيمون في الاراضي الشمالية من جزيرة العرب عند موضع ( بئرمارم ) وهي من الآبار القديمة المعروفة , باسم عاد 0 وكان الله قد أنعم على قوم عاد بنعم كثيرة من رغد الحياة وطيب العيش , ففجروا العيون , وزوعوا الأرض , وانشأوا البساتين وشادوا القصور 0 ومنحهم فوق ذلك قوة في العزم وبسطة في الجسم 0 ولكنهم كانوا يعبدون الأصنام من دون الله , وكما أرسل الله نوحا على قومه ليعلمهم عبادة الله تعالى ويدعوهم إلى توحيده فقد ارسل ( وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون ) 0 وكان يأمل ان يطيعه قومه ويسمعوا كلامه ويصدقوا دعوته لأنه كان وجيها فيهم ومعروفا بينهم , ولكنه فوجئ بعناد الطبقة المترفة ذات النفوذ في قومه فقالوا له (إِنا لنراك في سفاهة وإِننا لنظنك من الكاذبين ) ولكنه قابل عداوتهم بالصبر وعنادهم بالحلم , وهو خلق الأنبياء والمرسلين الذين أمرهم الله بالصبر على أقوامهم وتآلف قلوبهم , فأجابهم هود بكل هدوء وابتسامته فوق شفتيه شعلة من نور ( قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول
من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين ) 0 ولم يجد هود عليه السلام آذانا صاغية , ولا استجابة واعية إلا من نفر قليل جدا من الضعفاء , أما بقية القوم فقد
أمعنوا في العداوة والبطش , والانهماك في اللذات والشهوات والترف , ولم ييأس نبيهم هود ولم يكل عن دعوتهم بالحجة والبرهان , ومحاولته تقويم سلوكهم ونظرتهم إلى الحياة , كان يقول لهم ( فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجبات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) 0